شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
أول محطة بنزين مخصصة للنساء في اليمن... بمبادرة من الحوثيين

أول محطة بنزين مخصصة للنساء في اليمن... بمبادرة من الحوثيين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 19 أغسطس 201609:26 م

لأول مرة، خصّت شركة النفط اليمنية النساء بمحطة بنزين تقدّم خدماتها في العاصمة اليمنية صنعاء أربعاً وعشرين ساعة في اليوم بإشراف الحوثيين.

اهتمام بالمرأة؟

أم كلثوم الشامي، المشرفة على محطة البنزين قالت لرصيف22: "فكرة إنشاء هذه المحطة ولدت بسبب التحرشات والانتهاكات المتتالية التي كانت تتعرض لها المرأة في محطات البنزين العامة. وهذا ما دفعنا إلى عرض فكرة إنشاء محطة خاصة بالنساء على أنصار الله (الحوثيين) وشركة النفط. فرحّبوا بالفكرة وطبقوها".

وأضافت: "الحوثيون قاموا بتوفير الترتيبات الأمنية الخاصة بالمحطة لتسهيل حصول النساء على البنزين، وهو ما يثبت عكس ما كان يشاع عن تشددهم الديني ومنعهم المرأة اليمنية حتى من قيادة السيارات".

أم كلثوم تعمل في المحطة بمساعدة بعض الرجال. فالعاملين في المحطة ليسوا حصراً من النساء. وعن عملها في مهنة غريبة عن المجتمع اليمني، قالت: "على الرغم من النظرة الدونية لي أحاول كسر حاجز العادات المجتمعية والتقاليد القبلية من خلال ترتيبي للسيارات وتنظيمها حتى أؤكد للرجل أن المرأة قادرة على العمل في شتى المجالات التي ما زال يحتكرها في اليمن".

وتطمح أم كلثوم إلى تخصيص محطات خاصة بالنساء بإدارة نسائية بعد انفراج أزمة المشتقات النفطية. فحالياً، يعتبر البنزين مادة نادرة في اليمن بسبب توقف شركات النفط عن الضخ نتيجة الاقتتال الذي يدور في محافظة مأرب النفطية وبسبب عمليات عاصفة الحزم العسكرية.

مواضيع أخرى:

يمنيون تدمّرت منازلهم واضطروا للعيش في مجاري الصرف الصحي

أطفال اليمن ينتقلون من مقاعد الدراسة إلى ساحات المعارك

الطالبة الجامعية نوال هي إحدى العاملات في محطة النساء. تعمل وهي تعلّق على كتفها رشاش كلاشنكوف بسبب عدم استتباب الوضع الأمني في العاصمة. قالت لرصيف22: "يرى الذكور في مجتمعنا أن لا بد للمرأة من محرم في محطات تعبئة الوقود بسبب الاختلاط. نحن النساء نشعر بالاستبداد. وفتح محطة خاصة بنا جاء في محله".

وتابعت: "على الرغم من معارضة أهلي لعملي فقد استطعت أن أثبت لهم مقدرتي على العمل وحماية نفسي بسلاحي الكلاشنكوف في الوقت نفسه"، وأضافت: "هنا لا يوجد إطلاق نار ولا طعن بالخناجر كما يحصل في محطات الرجال بشكل شبه يومي. فقط هناك بعض السائقات اللواتي تغمرهن الفرحة لتمكنهن من تعبئة سياراتهن بالبنزين".

التزام بالنظام

حول المحطة، تنتشر مجموعة من عناصر اللجان الشعبية التابعة للحوثيين بأسلحة الكلاشنكوف والجُعب العسكرية المربوطة حول الخصر والصدر. وتشرف نساء عدة على تعبئة الوقود، ولا تتم عملية التعبئة إلا بعد الاطلاع على البيانات الشخصية لمالكة السيارة والبيانات الجمركية الخاصة بالمركبة.

أول محطة بنزين مخصصة للنساء في اليمن - صورة 11

وقالت مندوبة المحطة التي رفضت الافصاح عن إسمها: "تسير عملية تعبئة البنزين بسلاسة، فالنساء أكثر تنظيماً من الرجال رغم أن هناك مئات السيارات التي تنتظر دورها للتعبئة".

وتابعت: "كما في كل مشروع واجهنا صعوبات في البداية. فقد حاول بعض ضعاف النفوس إعطاء المتسولات مبلغ 500 ريال يمني (ما يعادل دولارين) حتى يقمن بتعبئة الوقود في عبوات بلاستيكية لصالحهم كي لا ينتظروا دورهم، وهذا ما أدى إلى اختلال عملية التوزيع. غير أننا اكتشفنا ذلك وتمكنا من ضبط المخالفات".

وبالنسبة للأوضاع الأمنية أكّدت نوال أنها مستتبة "بفضل اللجان الثورية الحوثية التي تقوم على حراسة المحطة ليل نهار مع أننا من وقت إلى آخر، حين يشتد قصف طيران التحالف، نخلي المحطة".

الحاجة إلى محطات خاصة بالنساء

تدخل النساء إلى المحطة في طابور متناسق طويل يقطع الشارع المؤدي إليها وشوارع فرعية مجاورة. كل امرأة تنتظر دورها بحسب ترتيب وصولها. قالت رباب، إحدى مرتادات المحطة، لرصيف22: "إعطاء فسحة للنساء عبر محطة خاصة بهن هو تصرف حكيم من قبل الحوثيين وبادرة تحسب لهم باعتبارها الأولى في تاريخ اليمن. وهذا يجنّب المرأة المضايقات وعناء الانتظار طوال الليل في المحطات العامة وسط الآلاف. نشكر الحوثيين ونطالبهم بتخصيص محطات للنساء في مختلف المحافظات اليمنية".

أول محطة بنزين مخصصة للنساء في اليمن - صورة 22

حين سيطر الحوثيون على محافظة عمران، شمال اليمن، العام الماضي، تناقل الناس أخباراً عن قيامهم بإغلاق المسارح الترفيهية ومنعهم الكثير من الفنانين من ممارسة الغناء في حفلات الأعراس أو في الجلسات الخاصة، وذلك انطلاقاً من تعاليمهم الدينية الصارمة.

وقال المواطن صلاح عبد الله أحمد: "لقد أخافتنا تلك الشائعات، وخشينا أن يقيموا عقوبة الحد على المغنّين والممثلين. أما قيادة المرأة للسيارة فقد كنا متأكدين أنهم سيحرمون المرأة منها لدى سيطرتهم على الحكم. لكن ذلك لم يحصل. لكنهم غيروا أئمة المساجد السنية في المحافظات التي دخلوها وعيّنوا مكانهم أئمة يحملون أفكارهم الحوثية".

إلى هذه التدخلات في حياة الناس، يضيف المواطن الأربعيني علي صالح شائعات متداولة عن "تخصيص الطابق الأخير من كل منزل يحتوي على ثلاثة طوابق فأكثر للجان الثورية التابعة للحوثيين، فضلاً عن تحريم الرقص ومضغ القات والتبغ"، وفق ما أكّد لرصيف22.

دعايات مغرضة؟

الحوثيون يعتبرون أن كل ما يقال عنهم من سلبيات ليس سوى دعايات مغرضة من قبل تيارات دينية وسياسية تحاول محاربتهم والوقوف في وجه مسيرتهم.

أول محطة بنزين مخصصة للنساء في اليمن - صورة 33

برغم ذلك، يرى مراقبون أن الحوثيين يقومون بكسب جمهور يلتف حولهم وما إن يعتلوا منصة الحكم حتى يظهروا على حقيقتهم ويكشروا عن أنيابهم كما في محافظة عمران حيث فرضوا الجزية ومنعوا ممارسة بعض الشعائر الدينية وحرّموا الغناء واحتكروا الثروات الطبيعية لاتباعهم ومناصريهم.

المسؤول الإعلامي في جماعة أنصار الله حامد البخيتي قال لرصيف22: "إن أنصار الله لا يمنعون المرأة البتة من حقوقها. وتخصيص محطة وقود للنساء لتسهيل حصولهنّ على البنزين دون عناء في ظل الأزمة النفطية يدحض كل الشائعات التي تقال عنّا. فنحن نتعامل مع قضايا كبيرة تهم اليمن كله ولا نتدخل في الأمور الشخصية".

وقال ضيف الله الشامي، عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثيين، لرصيف22: "نظرتنا للمرأة هي نظرة احترام وتقدير. الحوثيون قدموا لها أكثر من الذين يتغنون بالدفاع عن حقوقها ولا يقدمون لها سوى الكلام الذي لا طائل منه. فمعرفتنا بأن المرأة ركيزة مهمة في الأسرة والمجتمع جعلتنا ننشئ محطة بنزين خاصة بها وهو أقل ما يمكن أن نقدمه لها".

وأضاف: "الواقع يدحض كل الافتراءات التي تتناولنا محاوِلةً تشويه مسيرتنا القرآنية. المرأة تمارس مهمات تنظيمية في جماعة أنصار الله. وفي المجلس السياسي يوجد 3 نساء، وفي مؤتمر الحوار الوطني كان للمرأة نصيب كبير في قوائمنا إذ كان تكتلنا يضم سبع نساء، وهو عدد أكبر من العدد الذي تضمه بقية التكتلات. وبالنسبة لما يقال عن أننا سنحرم الغناء وقيادة المرأة للسيارة والرقص الشعبي والتمثيل، فهذه شائعات مغرضة هدفها الإساءة إلينا".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard